مقالات

أثار العُنف عند الاطفال

 

كتبت: خلود سيد بيومى 

إذا كان العُنف تعبيرا عن حالة او وسيلة استخدمها الإنسان في السيطرة على غيره من الناس، و تسخيرهم لطاعته، و تحقيق مصالحه؛ فإن المرأة و الطفل والمسنين والمعاقين هم أكثر الناس تعرضا للعُنف و ضحاياه حيث إن أغلب حالات العُنف التي تتعرض لها هذه الفئات تكون من داخل الأسرة أما أغلب حالات العُنف التي يتعرض لها الرجال فتكون من خارج الأسرة.

‏ إن أي مجتمع أو جماعة يسودها العنف تصبح عرضة للتصدع و الانحلال و الانحراف حيث يتم انعدام القيم، و الأعراف، و صراع الميول، و تباين الاتجاهات ، فمجتمع

العُنف بعيد عن التكافل و التراحم و التعاون ،لانه لا يوفر للافراد أهم مقومات الحياة الاجتماعية الكريمة التي تمكنهم في إشباع جوعهم و تأمين خوفهم و تلبية

أهم احتياجاتهم، فالعُنف مُشكلة لها العديد من الأثار على الفرد والأسرة و المجتمع بأكمله.

الكثير من الأطفال يتصفون بصفة العُنف والعناد ،وهذا نتيجة إهمال الاهل للأبناء.

وقد يكون نتيجة لكثرة المشاكل بين الوالدين ، وإيضا نتيجة للتربية الخطأ التى ينشأ عليها الطفل فى مرحلة طفولته.

 

سوء المُعاملة:

قد يختلف مفهوم سوء المُعاملة بسبب العامل الثقافى الخاص بمجتمع ما، أي أن معنى سوء المُعاملة قد

لا يُعني نفس المعنى لدى الجماعات المُختلفة، ويمكن تحديد العوامل المؤثرة فى تعريف المفهوم كالتالى:

1- السياق الثقافى: أي أن الثقافة الإجتماعية بمجتمع ما تحدد السلوكيات المقبولة اجتماعياً والمرفوضة، فالسلوك المقبول فى ثقافة ما قد لا يكون مقبولا فى ثقافة أو مجتمع آخر.

2- السياق الزمني: يُؤثر المدى الزمني على تغيير السلوكيات المقبولة اجتماعاً على سبيل المثال

سلوكيات الضرب التأديبي بالمدرسة المتبعة سابقاً، صارت حالياً ممنوعة تربوياً.

 

•العُنف:

هو الاستخدام المتعمد للقوة الفيزيائية أو القدرة، سواء بالتهديد أو الاستعامل المادي الحقيقي ضد الذات

أو ضد شخص آخر أو ضد مجموعة أو مجتمع، بحيث يؤدي إلى حدوث أو احتمال حدوث إصابة أو موت

أو ضرر نفسى أو اضطرابات النمو أو الحرمان.

 

✓انواع العُنف:-

•العُنف الأسري:

كل فعل يصدر من أحد أفراد الأسرة بهدف إلحاق الأذى والضرر لفرد آخر سواء كان الضرر مادياً مثل(الضرب-

حدوث إصابة)، أو كان ضرراً معنويا (التسلط- تقييد الحرية- الإهانة)، بطريقة مباشرة (عُنف لفظي-عُنف بدنى) ،أو غير مباشرة (عُنف معنوى).

 

•العُنف المدرسي:

هو كل تصرف يقع فى نطاق المدرسة يؤدي الى إلحاق الأذى بالآخرين وقد يكون الأذى جسدياً أو نفسياً،

فالسخرية والاستهزاء من الفرد وفرض آراء بالقوة واستماع الكلمات البذيئة.

 

•العُنف المُشاهد:

هو مشاهدة الطفل للعُنف الاسري الصادر من أحد أفراد الأسرة سواء كان من خلال الإستماع أو المشاهدة.

 

•الإساءة الجنسية:

تعرض الطفل إلى انشطة أو سلوكيات جنسية صادرة من قبل شخص بالغ وتشمل الممارسة ذات الطبيعة

الجنسية بالفم أو باللمس أو الاحتضان أو الإيلاج للاعضاء التناسلية أو أي جزء من أجزاء الجسم أو باستخدام أداة أو التحرش اللفظي، مثل (ختان الاناث ، زواج الأطفال ، حوادث اغتصاب الأطفال).

واحيانا تشمل استغلال الطفل فى أغراض الدعارة، أو إنتاج الصور العارية أو استغلاله لاغراض جنسية عبر وسائل الإتصال الحديثة مثل الإنترنت.

 

سوء مُعاملة الاطفال:

ّ هي حالات الاذى والإهمال التي يتعرض لها الاطفال دون سن 18 سنة، وتشمل جميع انواع الإساءة من إساءة المُعاملة الجسدية أو العاطفية والإيذاء الجنسي والإهمال والاستخفاف والاستغلال التجاري أو غيره من أنواع الاستغلال التى تسبب فى إلحاق اضرار فعلية أو محتملة بصحة الطفل وتهدد بقاءه على قيد الحياة او نماءه أو كرامته فى سياق علاقة من علاقات المسؤلية أو الثقة او القوة.

 

✓أنواع سوء مُعاملة الاطفال:

•الإساءة الجسدية:

التعدي على الطفل الذي ينتج عنه إيذاء جسدي (قد يكون الضرب، أو الهز، أو الركل، أو العض، أو الحرق،

أو الخنق، أو التسمم).

وقد لا يتعمد المعتدي إيذاء الطفل ولكن تحدث الإصابة بسبب شدة العقاب أو بسبب الإهمال الشديد.

•الإساءة المعنوية واللفظية:

هو سلوك تدميري للنفس يقوم به المعتدي على الطفل والذى يشمل (الرفض، العزل، الترهيب، التجاهل،

الإهانة، السب، الشتم، تقييد حريته، وتحميله لمسؤوليات تفوق قدراته، وممارسة التمييز ضده أو أي شكل من أشكال التعامل السئ المبني على الكره والرفض)، والذي يؤدي بدوره للأذى فى تطور الطفل الجسدي والعقلى والعاطفي والاجتماعى والاخلاقى.

وهذه الإساءة نتج عنها تشكيل شخصيات عدوانية من الأبناء، وبالتالى مع مرور الزمن يتربى الأبناء على أن العُنف هو الأسلوب الأمثل لحل المشكلات والحصول على الإحتياجات.

 

•الإساءة الرمزية:

هذا النوع من العُنف يطلق عليه علماء النفس تسمية العُنف التسلطي ،و ذلك للقدرة التي يتمتع بها الفرد الذي هو مصدر هذا العُنف والمتمثلة في استخدام طرق تعبيرية

أو رمزية تحدث نتائج نفسية و عقلية و اجتماعية لدى الموجه إليه للعُنف.

 

تعد المدرسة هي المؤسسة التربوية الثانية فى حياة الأطفال بعد الأسرة التى تقوم بعملية إكمال

مسيرة التنشئة التي أسستها الأسرة فى المقام الأول حيث تعمل المدرسة على تعليم الطفل ثقافة المجتمع وتنقلها من جيل الى جيل، وتنمي جوانب الحياة المختلفة وتعليمهم السلوكيات الحسنة فيهم.

ثم يأتى المعلم كطرف ضروري ومهم فى عملية التربية الصحيحة ومناط به مسؤوليات كثيرة لانه يمثل دور

الوالدين فى تصحيح هذه السلوكيات، وإذا اتبع المعلمون أساليب خاطئة ف تقويم سلوكيات الطلبة( كالعقاب

البدنى ،والقسوة) فقد ينحرف الطلبة ويصبحون عدوانين فيكرهون الذهاب للمدرسة.

 

وباختلاف المراحل العُمرية للأطفال تختلف نوعية الإساءة التي يتعرضون لها؛ حيث يلاحظ أن الأطفال الأكثر تعرضاً للعُنف من قبل الوالدين هم الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، وكانت أعلى المعدلات من نصيب أطفال مرحلة الطفولة المبكرة.

حيث أن الأطفال الذكور الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة يتعرضون للعُنف أكثر مما تتعرض له الإناث، وفى مرحلة المراهقة يزداد العُنف الموجه ضد الأطفال وخصوصا الإناث.

وهذا العُنف الذى يتعرض له الطفل يترتب عليه تشكيل شخصيته عدوانية أو انطوائية او يسيطر عليه صفة الاكتئاب والخذلان، وهذا بدوره يؤدى إلى نتائج سلبية فى انطباعه وسلوكه نحو الآخرين ،وقد يرتكب احيانا بعض الجرائم، ويُخالف لقوانين المجتمع وعاداته وتقاليده، وايضا يتطبع بايديولوجيا غير الأيديولوجيا الرسمية للمجتمع الذى يقيم فيه.

 

✓انواع سوء مُعاملة الأطفال الأوسع انتشاراً فى المجتمع:

1. العُنف والإساءة اللفظية والمعنوية للأطفال فى المنزل.

2. العُنف المُشاهد فى المنزل.

3. العُنف والإساءة اللفظية والمعنوية للأطفال فى المدرسة.

4. الإهمال فى المنزل.

5. الإساءة الجسدية للأطفال فى المنزل.

6. الإساءة الجسدية للأطفال فى المدرسة.

7. الإساءة الجنسية للأطفال فى المدرسة.

 

✓أبزر اشكال الإساءة بحسب نوع العُنف والإساءة فى المنزل والمدرسة:

– أبرز أشكال العُنف المُشاهد فى محيط المنزل وهي:

1. سماع الأطفال لمشاجرات ومشادات كلامية من قبل الكبار فى المنزل.

2. تصرفات أحد أفراد المنزل بشكل مُخيف.

– أبرز أشكال الإساءة والعُنف اللفظي والمعنوي الممارس ضد الأطفال بالمنزل هي:

1. تعرض الطفل للشتم والسب بصفات سيئة.

2. تعرض الطفل للصراخ بشكل عنيف ومُخيف.

– أبرز أشكال الإساءة والعنف الجسدي الممارس ضد الأطفال فى المنزل هي:

1. القرص فى أماكن مختلفة من الجسم وشد الشعر.

2. تعرض الطفل للصفع على الوجه.

– أبرز أشكال الإهمال شيوعاً فى المنزل:

1. عدم شعور الأطفال بمساعدة الآخرين لهم رغم حاجتهم للدعم.

2. شعور الأطفال بأنهم غير مرغوب بهم.

 

✓ اسباب العُنف الممارس من قبل الأسرة:-

•اضطربات نفسية وعصبية.

•‏المشكلات المعرفية.

•‏محاكاة الآباء للعُنف الذى كان يُمارس ضدهم.

•‏العبء الاقتصادى للاسرة.

 

✓التوصيات المقترحة:-

•إعداد برامج موجهة للأسرة حول أفضل الأساليب التربوية المناسبة لتنشئة الطفل وتربيته بشكل

صحيح دون اللجوء الى العُنف والإساءة.

•توعية الآباء والأمهات بقانون حماية الأطفال من سوء المُعاملة، والعقوبات الصارمة التي تقع على مرتكبى الإساءة.

• توعية الآباء والأمهات بخطورة إهمال الاطفال والاعتماد أو توكيل مهمة الاهتمام بالأطفال الى الخدم أو آخرين دون متابعة ورقابة منهم.

• إعداد برامج خاصة للأخوة الاكبر سنا بأهمية العطف والرحمة وحسن مُعاملة الأخوة الصغار.

• وضع قوانين تحرم العنف والإساءة داخل المدارس كأسلوب تربوي للتعامل مع الطالب.

•إعداد برامج تدريبية وورش عمل للمعلمين والاختصاصين للتعرف على مؤشرات العُنف وسوء

مُعاملة الأطفال للقيام بالتدخل المناسب ومساعدة الطفل.

•تدريب الاختصاصيين والمعلمين وإدارة المدارس على مهارات التعامل مع حالات الإساءة التي يتعرض لها الأطفال ورفع الوعي بأهمية الإبلاغ عن هذه الحالات.

• تصميم برنامج لمكافحة مشكلة التنمر داخل المدارس.

• إعداد برامج موجهة للطالب تدخل فى المنهج الدراسي وبمختلف المراحل التعليمية تهدف إلى تدريب الطالب على الحماية الذاتية، تعرفه بحقوقه وواجباته، وآليات الدفاع عن النفس، التحكم فى الغضب، آليات التبليغ عن حالات العنف والإساءة.

•وضع كاميرات للمراقبة فى نطاق المدارس.

•تفعيل دور مجالس أولياء أمور الطلبة فى جانب حماية الأطفال من الإساءة وفى المشاركة فى برامج

تربوية مع أبنائهم الطلبة لتوطيد علاقة الأبناء مع الاباء.

• توجيه وتنسيق الجهود بين مؤسسات المجتمع المختلفة الحكومية والمدنية والخاصة العاملة فى مجال حقوق الطفل وحمايته.

•تمكين المؤسسات المختصة من القيام بدورها على أفضل وجه، من حيث التشريعات والقوانين والإجراءات.

• التثقيف الاعلامي أشارت العديد من الأدبيات إلى الدور الحيوي لوسائل الاعلام في نشر الوعي حول موضوع العُنف الاسري وآثاره السلبية، والشك أن مثل هذا

الموضوع يحتاج للقيام بحملات إعلامية مكثفة، وعقد مؤتمرات وندوات وكتب متخصصة ودراسات يمكن الاستفادة منها في نشر الوعي وبث التوعية حول أنماط العُنف الأسري وأضراره وكيفية الوقاية منه والتصدي له.

•تفعيل الملاحقة الأمنية والقضائية لمرتكبي العُنف ضد الأطفال.

•‏ يجب أن يحصل الآباء والأسر على الدعم الذي يحتاجونه لتربية الأطفال تربية سليمة دون استخدام العُنف ضدهم.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى